هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حبي لأبنائي ... ما بين الرقة والحزم

اذهب الى الأسفل

حبي لأبنائي ... ما بين الرقة والحزم Empty حبي لأبنائي ... ما بين الرقة والحزم

مُساهمة من طرف المتوسط الخميس 3 أبريل 2008 - 18:26

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

حبي لأبنائي ... ما بين الرقة والحزم
بقلم: هناء واصف حسن - ماجستير علم اجتماع



ان تربية الأبناء حرفة قديمة تحتاج اليوم الى ازالة صدأ العادة والجهل عنها حتى نستطيع اتقانها.
انك تحب ابناءك وتود ان تبذل قصارى جهدك من اجل اسعادهم وتهذيبهم، ولكنك لربما تتساءل: كيف يصل حبي لأبنائي؟ وكيف اهذب اخلاقهم؟

ان القدرة على الحنو والسخاء والدفء هي الحب الرقيق الذي افتقرت اليه تربية اجدادنا، حيث كان الحنو والعواطف رمزا للتدليل الزائد. لقد اجاد الآباء في الماضي العناية بأبنائهم من الناحية الآلية للأبوة ( الأكل والملبس) غير انهم في المقابل كانوا يجدون صعوبة في اقامة علاقة دافئة مع ابنائهم والتقرب منهم، وكان اشعارهم بالخزي ولومهم يمثلان دعائم هذا الانضباط.
ان تربية كهذه كفيلة بتدني تقدير الابن الذاتي لنفسه، حيث يتولد لديه الشعور بأنه غير مرغوب وان لا قيمة له.
ان كنت تريد ان تمنح ابناءك الحب فعليك بالتواصل الحسي معهم عن طريق اللمسة الحانية، التدليل، المداعبة والمشاركة في الضحك مثلا، فإن ذلك يعطي الطفل الشعور انك تحبه وترغب به وتعرف قدره.
كما ان استخدام اسلوب الاطراء يعد من الأساليب الهامة لإظهار مشاعر الحب تجاهه. فعبارات مثل: انت جميل، انا احبك، انت تخلق جوا من المرح... يشعر الطفل بأهميته، فالطفل يضع نفسه في القالب الذي نصنعه نحن له. وهنا اود التطرق الى احد المواقف التي شاهدتها في احدى مدارس التعليم الخاص، حيث سئل احد التلاميذ عن اسمه فأجاب: انا جميل، انا مرتب، انا بحبوني، انا نظيف وممتاز في المدرسة. ترى من اين اتى هذا التلميذ ذو الاعاقة العقلية بتلك العبارات عن نفسه؟ ان الجواب بسيط، فالأهل هم من يشكل ويبني شخصية الطفل.
ومن المهم الاشارة الى ان لا يكون الاطراء مشروطا، يجب ان نؤكد للطفل اننا نحبه لذاته ليس اكثر، اي انه غير مطالب ان يبذل جهدا كي يكسب هذا الحب لأنه بذلك ينشأ معتادا على البحث فقط عن ارضاء الآخرين من خلال اعماله. ولكن لا بأس احيانا من استخدام عبارات الاطراء عندما يقوم الطفل بعمل مميز مثل: مساعدتك في العناية بأخته الصغيرة، او ان تظهر له اعجابك برسمه او غنائه فإن ذلك يزيد من تقديره وثقته بنفسه.
احرص على التركيز على الايجابيات في تعاملك مع ابنائك، فقد اثبت علميا ان ما تركز عليه لدى ابنائك هو ما تحصل عليه، وتعليقك على الأمور الايجابية التي يقوم بها ابناؤك سوف يؤدي الى تكرارها من قبلهم مما سيعود بالفائدة عليك وعليهم على حد سواء.
ان كنت تحب ابناءك، خصص وقتا لهم فالتواجد هو مكون اساسي للحب الرقيق، فإنك مهما اخبرت ابناءك انك تحبهم فلن يصدقوا ذلك ان لم تتواجد معهم بالقدر الكافي. ان اللحظات الجميلة برفقة الأهل من نزهة او مناسبة عائلية تخزن في ذاكرة الطفل وتبني لديه حس الانتماء والتفاؤل، وحاول عدم اعطاء وعود مستقبيلة للطفل بالجلوس معه او الخروج لأنها تبدو للطفل بالغة البعد والحاضر هو ما يعيشه الأطفال.
ربما تتساءل الآن: وماذا بعد كل هذه الرقة لأبنائي؟ هل هي كفيلة بتهذيبهم؟ ان الجواب هو ان الرقة لوحدها لا تكفي، فتربية الابناء هي فن يبنى على اساس الرقة والحزم في آن واحد.
واحيانا يطرق مسامعنا قول الأب او الأم للطفل: تعال الى هنا الآن، فيلبي الطفل نداء ابويه في الحال، تزورهم في البيت فيعتريك الذهول حيث تجد طفل العاشرة يعد الشاي للأسرة، ويجلس الأبناء بهدوء يتحدثون ويلعبون، ويتصل الابن ليخبر اهله انه سيعود الى البيت في الساعة كذا وكذا..
ان هؤلاء الاولاد لا يشعرون بالخوف وانما بالسعادة والتفاؤل، وقد يتساءل البعض: كيف نجح هؤلاء الآباء في تحقيق ذلك؟ فكلنا يتوق الى اولاد مهذبين لأن ذلك من شأنه ان يجعل الحياة اسهل واكثر يسرا.
ان الاستسلام للأطفال يزيد من صعوبة التعامل معهم، فبدون وضع حدود للأبناء وقواعد واضحة، قد تقضي يومك كله في نزاع مع ابنك دون ان يشعر اي منكما بحالة طيبة في نهاية المطاف ولربما تقوم بضربه وشتمه ايضا.
بدون بعض الحزم من جانب الآباء لا يستطيع الطفل تنمية قدرته على السيطرة على نفسه وسيظل يتصرف كابن جيل اصغر من جيله. ان الأهل الذين يسمحون لطفلهم ان يتصرف كما يحلو له، يمنعان بذلك الانضباط الداخلي لديه وتتحول حياته الى فوضى، وهذا ما نراه كثيرا في الأطفال الذين يكسرون ويخربون.
عليك اذن ان تمتلك اسلوبا تهذيبيا ان كنت تحب ابناءك فالتهذيب هو جزء من هذا الحب، ولكن ليس المقصود بذلك ذاك النوع من التهذيب الذي اعتدنا عليه من توبيخ، ضرب، تخويف، وايذاء للمشاعر وانما حب بحزم.
التهذيب لا يعني العقاب وإنما استخدام اسلوب الوقوف والتفكير وتعلم كيفية التعامل، فينشأ الصغار على عدم الخوف من آبائهم.
لكن على علم ان سوء سلوك الطفل نابع في الكثير من الأحيان لجهله بالطريقة الصحيحة لإنجاز الأشياء لذا كن على استعداد ان تعلم طفلك بدلا من مهاجمته عندما يسيء التصرف، يكفي ان تصطحب الطفل الى مكان معين وتقول له: يجب ان تبقى مكانك الى ان تكون على استعداد للموافقة، ويمكنك ان تخرج عندما تهدأ، فكر بما فعلته وبعدها سأحدثك...
تستطيع ايضا امساك الطفل وتقول له سأتركك عندما تهدأ وحاول مساعدته وتقبل اعتذاره بمجرد ان يظهر اي حركة تدل على الاعتذار.
ربما تبدو لك هذه الطريقة غير عملية ولكن حاول تطبيقها مرارا مع الطفل فسيتعلم هو من خلالها ان يأخذ وقتا للتفكير بما فعل ، فقط أعطه فرصة لتصحيح خطئه والتفكير فيه.
كن على علم ايضا ان حبك لأبنائك ليس معناه ان تستسلم لهم دائما فهذا يعلمهم ان سوء السلوك والبكاء يحققان له ما يريد، يجب عليك الحرص على عدم تقديم الرشوة للطفل، فمثلا انت لا تريد اصطحابه الى احدى المناسبات او الأماكن وتقول له: ان بقيت سوف احضر لك معي بسكويت الذي تحب، انه يجب ان يتفهم انه لا يستطيع مرافقتك الآن.
وفي الختام ، اود الاشارة الى ان الأبناء هم هبة من الله تعالى ، هم النبتة التي كلفك الله بغرسها في هذه الأرض، فاحرص ان تكون شامخة ومثمرة، احرص على العناية بها وحمايتها من الطفيليات، واحرص على تقليمها فهي ان نشأت كما تحب فإنها ستغدو شجرة مؤذية، لذا اروها بماء الحب والحنان وطاعة الله وهذبها بالحزم والارادة.
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى