هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اقتصاديات البيت المسلم

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 7:22

اقتصاديات البيت المسلم



﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)﴾ (النساء).




اهتم الإسلام بالبيت المسلم لأنه اللبنة الأساسية للمجتمع فإن كانت قوية فإن البناء يكون سليمًا، ويقصد بالبيت المسلم أنه يتكون من مجموعة أفراد (الوالدين والأولاد) وهم سيعيشون في إطار وحدود معينة ويلتزمون بشريعة الإسلام.



وتتمثل عناصر هذا البيت المسلم في الآتي:

1- الكيان المادي الذي يجمع الأفراد.

2- الأفراد المكونين للأسرة (الوالدين والأولاد).

3- مدى الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية في شئون البيت.

4- هدف البيت هو الحياة الآمنة في الدنيا والفوز برضا الله عز وجل.



اقتصاديات البيت المسلم وخصائصه

1- خصائص البيت المسلم

2- اقتصاديات البيت المسلم وخصائصه

3- قواعد دستورية من الاقتصاد الإسلامي للبيت المسلم.

4- كيفية إعداد الميزانية في البيت المسلم.

5- قواعد وضع الميزانية للبيت المسلم.

6- موجبات جلب الرزق العملية في الإسلام.

7- سلوكيات الرسول في الأزمات الاقتصادية.

8- عبر من سلوكيات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

9- خاتمة وفوائد التوازن.




-----------------------------------------------------


المصادر والمراجع:

1- في ظلال القرآن- أ/ سيد قطب

2- اقتصاديات المسلم في ضوء الشريعة الإسلامية- د/ حسين حسين شحاتة

3- مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام – د/ يوسف القرضاوي

4- إحياء علوم الدين- للإمام الغزالي

5- ترشيد الاستهلاك الفردي في الاقتصاد الإسلامي- منظور/ أحمد الأزهري

6- مشكلة الجوع والخوف وكيف عالجها الإسلام- د/ حسين حسين شحاتة.

دراسة بقلم: إيمان إسماعيل


عدل سابقا من قبل المتوسط في السبت 22 نوفمبر 2008 - 19:58 عدل 2 مرات
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 7:27

أولاً: خصائص البيت المسلم


وللبيت المسلم خصائص تميزه وتعينه على أداء دوره المنوط من قبل الله عز وجل:

1- يؤمن أفراده بأن حياتهم لله جل وعلا وغايتهم العبادة من كل مظاهر الحياة (عمل- زواج- إنجاب). ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)﴾ (الأنعام)

كما قال الله عز وجل عن مظاهر متعددة للطاعة والعبادة:
﴿فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)﴾ (الصف).

2- كما يؤمنون أن الحياة قصيرة وأنهم سوف يبعثون ويحاسبون ومن ثمة فلا يجب البناء في الدنيا وترك الآخرة بل يجب التوازن بينهما.

كما أرادنا الله جل وعلا: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)﴾ (القصص).

3- ومن خصائص هذا البيت المسلم أيضًا أنهم يؤمنون بأنه سوف يجمعهم الله في الجنة مع بعضهم كما يبشرهم جل وعلا.. ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الطور: من الآية 21).

4- ولأداء هذه المهام يجب التدقيق في الاختيار من الطرفين للزواج.. يقول صلى الله عليه و سلم "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، "إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".

5- يتحلى أفراد البيت بالأخلاق الحميدة التي تحقق لهم حسن العشرة لتربية النشئ على المودة والمحبة والمعاملة الطيبة، يقول جل وعلا: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء: من الآية 19).

كما أمر الإسلام الزوجة بحسن التبعل، فقال النبي الكريم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "جهاد المرأة حسن التبعل".

والبيت المسلم من خلال خصائص كثيرة يتبعها في الإنفاق، فهذا الإنفاق ينبع من عقيدة يعمل بها المسلم وهي الاعتدال في النفقات فلا إسراف ولا تقتير.

كما وصف الله عباده الصالحين: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَم ْيُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)﴾ (الفرقان).
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 7:37

ثانيًا: اقتصاديات البيت المسلم وخصائصه



وللاقتصاد خصائص عدة:

1- اعتدال وتوازن.

2- الكسب الطيب.

3- فصل الذمة المالية للرجل عن الذمة المالية للمرأة.

4- الالتزام بأولويات عند الإنفاق.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في حديثه الشريف: "كُلْ ما شئت وألبس ما شئت دون سرف أو مخيلة".



1- الاعتدال والموازنة:

يقول الله جل وعلا: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (البقرة: من الآية 143)، لا إسراف ولا تقتير فهو قائم على توازن بين إشباعٍ مادي وإشباع روحي وتوازن بين متطلبات الحياة الدنيا وبين العمل للآخرة، وأساس هذا قوله عز من قائل: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)﴾ (القصص).

والموازنة بين الكسب والإنفاق حتى يتحقق الاستقرار في الميزانية ويجنب الإنسان الوقوع في مشاكل الديون أو محظور التقتير، وكانت أحد الزوجات توصي زوجها وتقول:
"إن حمل الديون أثقل من حمل الصخور".

وأوصى الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فقال: "رحم الله امرأً اكتسب طيبًا وأنفق قصدًا وقدَّم فضلاً ليوم فقره وحاجته".


2- وأما الكسب الطيب:

فهو قائم على عدة جوانب عقائدية وروحية وأخلاقية، وقد أكد القرآن على هذا في مواضع عدة منها قوله جل وعلا:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)﴾ (البقرة).

والنبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا".
ويجب على البيت المسلم تجنب الخبائث فليس بها منفعة مشروعة وما يسببه من أضرار كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ (البقرة: من الآية 173).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ (المائدة: من الآية 90).

3- أما فصل الذمة المالية للرجل عن الذمة المالية للمرأة فقد أقرَّه الإسلام؛ فللمرأة حق تملك الصداق والحق في الميراث كما لها حق التملك فيقول جل من قائل: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ (النساء: من الآية 32).

كما جعلها مستخلفة في بيت زوجها وهي مأجورة إن أحسنت، وعليها وزر إن أساءت فقال النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها".

وقالت أسماء بنت أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- "كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، أسوس له فرسه وأعلفه وأحتسي له وأخرز الدلو وأسقي الماء وأحمل على ظهري النوى".
وهذا نموذج رائع لمعاونة الزوجة لزوجها في أمور البيت.

وتقول الدكتورة إيرا يليسن الأمريكية: "إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف الدخل فانخفض المستوى الأخلاقي".


4- وأولويات الإسلام التي يفترض الالتزام بها:

هي تقسيم الأولويات إلى:

1- ضروريات.

2- حاجات.

3- تحسينات.

وهذا لتحقيق المقاصد الخمسة للشريعة لحفظ:

1- الدين.

2- النفس.

3- العقل.

4- العرض.

5- المال.

وتأسيسًا لذلك يجب وضع أوليات الإنفاق في حدود الكسب فلا يجوز أن ينفق على الكماليات والتحسينات دون وفاء الضروريات والحاجات.
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 8:22

ثالثًا: قواعد دستورية من الاقتصاد الإسلامي للبيت المسلم


وتتمثل هذه القواعد في مجموعة مستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية والتي تحكم معاملات البيت المسلم الاقتصادية لتحقيق المقاصد العامة للشريعة ولتحقيق الإشباع المادي والروحي معًا وهي:

1- قواعد العمل والكسب.

2- قواعد الإنفاق.

3- قواعد الادخار والاستثمار.

4- قواعد الملكية.



1- ونبدأ بقواعد العمل والكسب في البيت:

العمل واجبٌ شرعي وضرورة بشرية في الإسلام، ولقد أكد على ذلك الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات فقال عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)﴾ (الملك).

وأثنى رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- على مَن يأكل من عمل يده فقال:"ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".

ولقد تضمَّنت الشريعة الإسلامية القواعد التي تُنظم العمل لأجل الكسب الطيب والتي تعتبر حاكمةً للبيت المسلم أسسها:

(أ) مسئولية الرجل العمل والكسب وعلى المرأة مسئولية البيت:

على الرجل رب الأسرة العمل الجاد الشريف الطيب للحصول على الكسب الطيب الحلال هذا من بين أسباب قوامة الرجل على المرأة، وأصل ذلك من القرآن الكريم قوله تبارك وتعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (النساء: من الآية 34).

فقوامة الرجل تُحمِّله مسئولية أن يكفي الزوجة والأولاد مؤنة الحياة في ضوء ما أعطاه الله من إمكانيات وقدرات، وعندما زوَّج الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ابنته فاطمة قال للإمام علي رضي الله عنه: "عليك الكسب وعليها مسئولية المنزل".

وقد روى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت وعلي كرم الله وجهه ما كان خارجًا عن البيت من عمل.

ويجب على الرجل أن يستشعر أن هذا العمل عبادةٌ وطاعةٌ لله وليس فقط مهنةً أو وظيفةً أو منصبًا.

فيقول الإمام أبو الحسن البصري: (استحضروا النيةَ في عملكم ويصبح عبادةً).

ويعني هذا أنه إذا احتسب الإنسان العمل عند الله وابتغاء مرضاة الله تحول هذا العمل إلى عبادة.


(ب) للمرأة حق العمل والكسب بضوابط:

لقد كفل الإسلام للمرأة حق العمل الشريف الذي يتناسب مع طبيعتها وطبقًا لضوابط شرعية للمحافظة على ذاتيتها وكرامتها مع التيقن الدائم بأن مجال عمل المرأة هو البيت والقيام بتدبير شئونه، ولقد استنبط علماء التفسير من قول الله عز وجل: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ (النساء: من الآية 32) أن في هذا دليلاً على حق المرأة للعمل لأجل الكسب، ولقد أثبتت السيرة النبوية الشريفة اشتراك المرأة في عهد رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في الغزوات فكانت النساء تقمن بالتمريض والتموين ونقل الجرحى، كما ثبت اشتغال بعض النسوة بالتجارة ومساعدة الزوج في الزراعة، ولقد حدد الإسلام للمرأة مجالات تناسب طبيعتها كأن تكون مدرسةً أو طبيبةً أو ممرضةً أو مشرفةً اجتماعيةً أو ضابطة شرطة نسوية أو أستاذة لطالبات، ومنعها أن تزاحم الرجال أو تنافسهم على عملهم، ولم يجز لها أن تتولى أعمال الخلافة أو أعمال القضاء أو الحراسة الليلية أو أن تتولى الأعمال الشاقة في الحروب أو الأعمال التي تُؤثر على الجنسين أو تقوم بأعمال التشريع والمراقبة.

ملاحظة:

لا يجب أن يكون عمل المرأة على حساب البيت وحقوق الزوج وحقوق الأولاد، وأن تلتزم بالقواعد الشرعية التي تُنظم ذلك.


(ج) أن يكون الكسب طيبًا حلالاً:

يجب على الرجل أن يبحث عن العمل الطيب حتى يكون الكسب حلالاً، ولقد أكد على ذلك القرآن الكريم فقال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 172)، كما قال عز وجل ﴿وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ﴾ (الأعراف: من الآية 157).

وفي الحديث الشريف يقول النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "رحم الله امرأً اكتسب طيبًا وأنفق قصدًا وقدَّم فضلاً ليوم فقره وحاجته".

وفي هذا الحديث الشريف يؤكد النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- على الكسب الطيب والاقتصاد في الإنفاق وعلى ادخار واستثمار الفائض للمستقبل لحين الحاجة، أليس كما روى مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إن الله تعالى طيبًا لا يقبل إلا طيبًا".

ويجب على الرجل أن يستشعر أن الغاية الأساسية من هذا الكسب هو بناء جسده وجسد أهله وأولاد لتقويتهم على طاعة الله، ومن ثم لا يجب أن تُبنى هذه الأجسام من الخبيث الحرام، وفي هذا المقام يقول رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-:"مَن كسب مالاً حرامًا فتصدق به لم يكن له أجر وكان إصره عليه".

كما روى الإمام أحمد عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده في الناس إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث".

كما قال رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لا يربو لحم من سحت إلا كانت النار أولى به".

ولقد أوصت إحدى الصالحات زوجها عندما خرج للعمل سعيًا وراء الرزق قائلةً له: "إياك وكسب الحرام فإننا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار".


(د) العمل في حدود الطاقات والإمكانات:

أحيانًا يقوم بعض الرجال بالإفراط في العمل على حساب أهله وولده معتبرًا أن ذلك من الشرع ويترتب على ذلك أضرار عديدة من بينها: جفاء الحياة في المنزل وحرمان الزوجة من بعض حقوقها والتقصير في تربية الأولاد وإعدادهم الإعداد الإسلامي.

ولقد أكد الله سبحانه وتعالى أن يكون العمل في ضوء الطاقات والإمكانات البشرية والزمنية فقال: ‌﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (البقرة: من الآية 286)، وتعني أن الله لا يكلف العباد من أعمال القلب والجوارح إلا وهي في وسع المكلف وفي مقتضى إدراكه وبنيته.

ومن هدي الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في هذا الأمر قوله "لا تكلفوهم ما لا يطيقون وإن كلفتموهم فأعينوهم"، ويعني هذا أن يكون الجهد المطلوب للعمل في ضوء الاستطاعة.

ولا يجب بحالٍ من الأحوال أن يطغى العمل على حقوق البيت والزوجة والأولاد فإن لكل منهم حقًّا يجب المحافظة عليه، من ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إن لنفسك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليه حقًّا، وأن لجسدك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه".


(هـ) تدريب الأولاد وتنشئتهم على العمل:

اهتمَّ الإسلام بالأولاد وتنشئتهم على الخشونة والرجولة وبتهيئة فرص العمل لهم في سن مبكرة ونهى الإسلام عن الميوعة والانحلال المستورد في بلاد الفساد الأخلاقي، فالقرآن الكريم دستور الأمة يقول فيه الله-عز وجل- ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (النساء: من الآية 6).

وفي هذا إشارة إلى أننا يجب أن ندفع اليتامى متى وصلوا لسن الرشد إلى العمل، وهذا أحرى بغير اليتامى، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليَّ من أن تركبوا".

ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "علموا أولادكم الرماية والسباحة، ومروهم أن يثبوا على الخيل وثبًا".

ومما لا شك فيه أن إتاحة فرص العمل للأولاد في سنِّ الشباب أو عندما يقدر على ممارسة العمل يحقق مزايا من أهمها: تربيته على الخشونة ومساعدة الوالدين في تحقيق الكسب.
ويعتبر ذلك تدريبًا مبكرًا على أداء العمل فيزداد خبرةً كما يعتبر كل هذا زيادة في إنتاج المجتمع الإسلامي، وروى أحد المهتمين بالاقتصاد الإسلامي في مجال التطبيق أن الطفل يحاول أن يثبت وجوده فيحاول أن يركب عصا على أنها جواد ويتخيل أنه رجل كبير وأنه فارس عظيم فإذا كبرت سنه وصار شابًا بدأ يتطلع إلى أن يكون رجلاً ولو لم يبلغ سن الرجولة، فتراه يجلس في مجالس الرجال ويسمع منهم ويحاول حمل السلاح في الجهاد.
والصبي لا يصل إلى هذه المرحلة فجأة بل يمر قبلها بمراحل قبل سن الشباب ففي الحديث الشريف الذي يحث على تعليم الأولاد الصلاة "مروهم لها لسبع واضربوهم عليها لعشر".

أي أن الصبي في السابعة ينفعه في الصلاة النصح والإرشاد فإذا وصل العاشرة صار النصح تعنيفًا لأنه أصبح يتحمل المسئولية.

ويخلص من ذلك إلى أنه يجب في خلال مرحلة التعليم أن يدرب الولد على العمل حتى إذا وصل سن الرشد يمكنه العمل مستقبلاً، وهذا يفتح له آفاقًا طيبة، ويشارك في بناء المجتمع.




----------------------------------------------

يتبع
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 8:24

2- قواعد الإنفاق في البيت المسلم:

يقصد بالإنفاق هو صرف المال الحلال للحصول على منافع مادية أو معنوية مشروعة تساعد أفراد الأسرة في تحقيق الإشباع المادي والروحي، وهناك أنواع متعددة للإنفاق منها:

الإنفاق على الاستهلاك، والإنفاق لأجل الاستثمار للأجيال القادمة أو للمستقبل والإنفاق على أوجه الخير للحصول على الأجر في الآخرة مثل الزكاة والصدقات التطوعية.

وقد تضمنت الشريعة الإسلامية قواعد تنظيم الإنفاق والنفقات في البيت المسلم:

1- من مسئولية الرجل الإنفاق على البيت:

من مسئولية الرجل أن يُنفق على زوجته وأولاده باعتدال حسب العادة والبيئة وفي حدود الطاقات المالية، ولقد ورد بالقرآن الكرم قول الله تبارك وتعالى:﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)﴾ (الطلاق).

وقال رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "مَن أنفق على امرأته وولده وأهل بيته فهي صدقة"، ويشير هذا الحديث إلى أن الإنفاق المشروع على أهل البيت يتحول من إنفاقٍ مادي إلى عبادة روحية يحصل المنفق بها على الأجر من الله، وفي حجة الوداع قال الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله لكم عليهن ألا يوطئن فراشكم أحد تكرهون ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".

وسأل رجل رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: ما حق المرأة على زوجها؟ فقال "يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يهجرها إلا في البيت ولا يضربها ولا يقبح".

وقالت هند بنت عتبة زوج أبي سفيان للرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: إن أبا سفيان شحيح لا يُعطي من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما آخذُ من ماله بغير علم، فقال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك".

وسأل رجل لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قال: "عندي دينار. قال: تصدق به على نفسك. قال: عندي آخر. قال: تصدق على زوجتك، قال: عندي آخر. قال تصدق به على ولدك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك".

وفي كل الأحوال نفقة الزوجة واجبة على زوجها أما إذا لم تُمكِّنه من نفسها أو خرجت من داره بغير إرادته أو إذنه فلا نفقةَ ولا كسوةَ لأنها تعتبر ناشزًا وعاصية.

2- إلزام الرجل بالإنفاق على مطلقته الحامل:

يلزم الشرع الرجل أن ينفق على زوجته السابقة التي طلقها إن كانت حاملاً حتى تضع حملها فلقد ورد في القرآن الكريم قوله الله عز وجل: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ (الطلاق من الآية 6).

ولقد ورد في تفسير هذه الآية إن كانت مطلقة حاملاً فعلى الزوج أن ينفق عليها ولو طالت مدة الحمل حتى تضع حملها فإذا ولدت ورضيت أن تُرضع له ولده فعلى الرجل أن يدفع لها أجر الرضاعة؛ لأن الأولاد ينسبون إلى الآباء، ويقول ابن تيمية: "لا تجب النفقة إلا على الميسر أما المعسر فلا نفقة عليه".

3- الإلزام بالإنفاق على الوالدين:

من حق الأولاد الإنفاق على الوالدين عند الكبر، وهذا يعتبر أحد صور الإحسان إليهما كما أشار إلى ذلك قول الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (الإسراء: من الآية 23)، ولقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: "يأكل الوالدان من مال ولدهما بالمعروف وليس للولد أن يأكل من مال والديه إلا بإذنهما".

وقال ابن تيمية: على الولد الموسر أن يُنفق على أبيه وزوجة أبيه وعلى إخوته الصغار وإذا لم يفعل كان عاقًّا لأبيه قاطعًا للرحم، ويجب على الزوج والزوجة أن يؤمنا بأن الإنفاق على الوالدين واجبٌ وملزم ديانةً وقضاءً وليس تبرعًا ولا منةً ولا تفضلاً، ومن ناحية أخرى فإن الصدقات التطوعية على المحتاجين من الأهل والأقارب أولى، أما الزكاة فلا تجوز أن تُعطى للأقارب الملزم بإعالتهم.

4- جواز مساعدة الزوجة لزوجها:

إذا كانت إيرادات الرجل لا تكفي مؤنة البيت الضرورية وكان فقيرًا فيجوز للزوجة أن تساعد زوجها من كسبها أو من مالها؛ وذلك بطيب خاطر وهذا يعتبر نوعًا من أنواع التعاون على الخير الذي حثَّت عليه الشريعة الإسلامية، كما يجوز للزوجة أن تعطي زكاة مالها لزوجها الفقير الذي تجب عليه الزكاة، كما يجوز لها أن تُقرضه قرضًا حسنًا إذا لم يكن من مستحقي الزكاة، وهذا التعاون لأداء رسالة البيت المسلم ولتحقيق أهدافه.

5- من مسئولية المرأة تدبير شئون البيت المالية:

الرجل عليه الإنفاق والكسب من المالك الحلال وتتولى المرأة تحديد نفقات البيت المطلوبة مثل المأكل والمشرب والملبس والمسكن وغيرها من النفقات اللازمة لتحقيق مقاصد الشريعة وهي:

حفظ الدين والعقل والعرض والنفس والمال، وتطلب النفقات اللازمة لذلك من الرجل، وهذا مستنبط من قول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "والمرأة راعية في بيت زوجتها ومسئولة عن رعايته" وقوله أيضًا: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب وللخادم مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا".

ويجب أن تكون المرأة مقتصدةً مصداقًا لحديث الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "ما عال مَن اقتصد"، وأن تكون قانعةً بما رزقها الله مستشعرةً قول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لقد أفلح مَن أسلم وكان رزقه كفافًا وقنَّعه الله بما آتاه".

إذا لم تكن في البيت امرأة حرة تدبره ضاعت مصالح داره

المرأة تبني والمرأة تخربه فهي أصل تقدمه وسعادته

6- الموازنة بين الكسب والإنفاق:

يجب على الزوجة ألا تُكلِّف الزوج ما لا يطيق، وأن تدبر النفقات في حدود الكسب (الإيرادات) والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة منها قول الله تعالى:﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (البقرة: من الآية 286)، وقوله عز وجل﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ (البقرة من الآية 236)، وقال الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:"لقد أفلح مَن أسلم وكان رزقه كفافًا وقنَّعه الله مما آتاه".

وفي هذا الخصوص يقول أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-: "إني لأبغض أهل البيت الذين ينفقون رزق أيامٍ في يوم واحد"، ويقول لمعاوية: "حسن التدبير نصف الكسب وهو نصف المعيشة"، ولقد أوصت سيدة صالحة ابنتها فقالت: "لا تكلفي زوجك إلا ما يطيق طبقًا للأحوال وارفعيه بيدك عن مواطن الضيق فحمل الصخور أخف من حمل الديون".

7- الإنفاق في مجال الطيبات:

كما أمر الإسلام أن يكون الكسب طيبًا أمر كذلك أن يكون الإنفاق في مجال الطيبات التي تعود على الإنسان بالنفع، وأساس ذلك قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 172).

كما يقول جل وعلا: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ﴾ (المائدة: من الآية 4).
وكيف أن يستشعر الزوج والزوجة أنهما سوف يؤجران على الإنفاق، متى كان طيبًا ومشروعًا والأجر هنا مرتبط بأن يكون مجال الإنفاق طيبًا وهذا نجده في أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إن الله طيبًا لا يقبل إلا طيبًا".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: "إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها"، إن الالتزام بهذه القاعدة يجنب البيت المسلم الكثير من المشاكل الناجمة عن الإنفاق في مجال الخبائث والمنكرات ويجنب الوقوع في المعاصي.

8- الإنفاق حسب الأولويات الإسلامية:

لقد وضع الإسلام أولويات يجب الالتزام بها في شئون الحياة وبصفة خاصة في مجال الإنفاق لتحقيق المقاصد الشريعة وهذه الأولويات هي:

أ- الضروريات: ويقصد بها النفقات الضرورية بأنها ما ينفق لقوام الناس والمخلوقات وتحقق المقاصد الشرعية ولا يمكن أن تستخدم الحياة بدونها مثل نفقات المأكل والمشرب والمسكن والصحة والأمن والعلم والزواج.

ب- الحاجات: ويقصد لها ما ينفق على ما يحتاجه الناس لجعل حياتهم ميسرةً وتخفف من المشاكل والمتاعب ولا يجب الإنفاق على الحاجات إلا بعد استيفاء مطالب الضروريات وهي أيضًا تتعلق بالمقاص الشرعية.

ج- التحسينات: وتتمثل في بنود النفقات التي تجعل من حياة الإنسان حياةً رغدةً طيبةً وعلى أحسن حال عند حالة الضروريات والحاجيات وكل ما يتعلق بالمقاصعد الشرعية وعلى نفس المنوال لا يحق للمسلم أن ينفق على التحسينات إلا بعد نفقات الضروريات والحاجيات ومن هنا يجب على أفراد البيت المسلم الالتزام بهذه الأولويات عند الإنفاق لتحقيق مقاصد شرعية ومن ناحية أخرى لا يجوز إنفاق المال فيما يعرض هذه المقاصد للهلاك والضرر مثل شراء المدمنات والمكيفات والدخان والخمور وشراء الأفلام الفاسدة وما شابه ذلك.

ويتطلب تطبيق هذه القاعدة أن تقوم مدبرة البيت شهريًّا بحصر النفقات وتقسيمها إلى ثلاث مجموعات حسب الأولويات ثم تقدر الإيرادات المتوقعة وفي ضوء ذلك ترتب بنود الإنفاق وهذا يجنب البيت المسلم معظم المشاكل الناجمة عن الإسراف والتبذير في بنود ليست من الضروريات.

9- تجنب النفقات الترفيهية:

تحرم الشريعة الإسلامية النفقات الترفيهية وما في حكمها لأنها تؤدي إلى الفساد والهلاك وهذا مستنبط من قول الله عز وجل ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)﴾ (الإسراء).

ومن صفات الكافرين بنعمة الله، الترف وهذا واضح في قوله تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (المؤمنون: من الآية 33).

والأحاديث النبوية الشريفة الواردة في تحريم الترف كثيرة منها قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "كل ما شئت واشرب ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة"، مروي عن ابن عمرو بن عباس رضي الله عنهما.

10- تجنب النفقات غير المشروعة:

بالإضافة إلى تحريم الإسراف والتبذير والترف، ومن باب سد الذرائع لا بد من تجنب كل إنفاق لا تقابله منفعة مادية أو معنوية مشروعة، وكل ما يغضب الله عز وجل، ومن أمثلة هذه النفقات غير المشروعة الإنفاق على وسائل اللهو غير المشروعة وشراء المأكولات والمشروبات التي تضر بالفرد والمجتمع مثل لحم الخنزير والمشروبات الكحولية والدخان.. أي يجب أن يكون الإنفاق في مجال الطيبات المباحة، وهذا مستنبط من قول الله عز وجل: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (الأعراف: من الآية 32).

ويعتبر ما ينفق على البدع والعادات السيئة المستوردة لنا.

11- الوسطية في النفقات:

يقوم الإسلام على الوسطية في كل شيء ومنها الاعتدال في الإنفاق عليها دون إسراف، ويؤدي التقتير إلى حبس المال وتجميده على هذه القاعدة من القرآن هو قول الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)﴾ (الفرقان).
وقوله عز وجل ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)﴾ (الإسراء).

لذلك يجب على أهل البيت المسلم الاقتصاد في النفقات متجنبين الإسراف والتبذير والتقتير؛ ولذا أكد على ذلك الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-:"رحم الله امرأً اكتسب طيبًا وأنفق قصدًا وقدم فضلاً ليوم فقره وحاجته"، كما قال رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "من فقه الرجل قصده في معيشته" ويحذرنا الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- من الإسراف في معيشته حتى وإن كان في الماء، فقال لجابر وهو يتوضأ "ما هذا السرف؟" فقال جابر رضي الله عنه وأرضاه أو في الوضوء سرف يا رسول الله فقال: "نعم لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جار".

وهذه هي القواعد التي أوضحتها الشريعة في مجال النفقات في البيت المسلم، وأن يتأتى المسلم وينظر فيما ينفق فإن كان لله أمضاه وما كان غير ذلك فليمتنع.


-----------------------------------

يتبع
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 8:40

3- قواعد الادخار والاستثمار في البيت المسلم:

يحث الإسلام على الاقتصاد في النفقات فلا إسراف ولا تقتير وادخار ما يفيض عن الحاجات واستثماره ليوم الحاجة، ولقد وضع القواعد الشرعية التي تنظم الادخار والاستثمار للبيت المسلم على النحو التالي:

(أ) الادخار ما يفيض عن الحاجات الأساسية:

لقول رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "رحم الله امرأً اكتسب وأنفق قصدًا وقدَّم فضلاً ليوم فقره وحاجته"، ومن هنا تكون معادلة الادخار على النحو التالي:
ادخار= الكسب الطيب- الإنفاق المقتصد
ويُفهم من ذلك بأن أركان الادخار هي:

1- الكسب الطيب في ضوء الطاقات والإمكانات.

2- الاقتصاد في النفقات طبقًا للأولويات الإسلامية

(ب) ادخار الفائض لوقت الحاجة أمر وجوبي:

يمر البيت المسلم بحالات رخاء واسعة في الرزق، كما يمر بحالات شدة وضيق في الرزق لذلك يجب أن يأخذ من وقت الرخاء لوقت الشدة؛ لأن الفرد لا يعلم ماذا يكسب غدًا، وهذا أمر جلي واضح في قوله تعالى: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (لقمان: من الآية 34)، ويعتبر الادخار لوقت الحاجة والفقر من الأخذ بالأسباب ولكن لا يغني عن قدر الله سبحانه وتعالى.

(ج) للأجيال القادمة حق في أموال الأجيال الحاضرة:

يحث الإسلام كذلك على أن يستشعر الوالدان أن للأجيال القادمة حقًّا في أموالهم، ويعني هذا أنهم لا يجب أن يسرفوا أو يبذروا، ولقد أشار القرآن الكريم على ذلك في قول الله جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)﴾ (الحشر).

والسنة النبوية الشريفة تؤكد ذلك، ومن قول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- لسيدنا سعد بن أبي وقاص عندما أراد أن يتصدق بماله كله فقال: "الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس أعطوهم أو منعوهم وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها"، ويجب على الفرد أن يستشعر أنه إذا ترك ولدًا صالحًا يدعو له أو مالاً مستثمر ويحث الإسلام على عدم الإسراف والتبذير حتى يتمكن من الادخار لخدمة الأجيال القادمة.

(د) استثمار المال الفائض وعدم اكتنازه:

يحرم الإسلام الاكتناز بكافة أنواعه وأشكاله وهناك من الفقهاء من يأخذ هذا من قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)﴾ (التوبة).

فهناك من الفقهاء من يفسر كلمة ينفقونها أي يستثمروها في الأوجه التي تعود على المسلمين بالخير وتعتبر زكاة المال من بين المحفزات على الاستثمار وعدم الاكتناز ففي هذه الخصوص يقول رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "من ولي يتيمًا فليتجر له في ماله حتى لا تأكل الصدقة"، كما قال الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "اتجروا في أموال اليتامى"، كما قال الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "اتجروا في أموال اليتامى حتى لا تأكلها الصدقة"؛ لذلك يجب على أفراد البيت المسلم أن يكون لديهم تصور إسلامي لاستثمار ما يفيض عن الحاجة وتحديد أوجه هذا الاستثمار فقد يكون قصير الأجل أو متوسطًا أو طويلاً، ومن صيغ الاستثمار المتاحة أمام البيت المسلم.

1- الاستثمار الفردي في مشروعات تجارية أو صناعية.

2- الاستثمار عن طريق المضاربة الإسلامية مع أطراف آخرين.

3- الاستثمار عن طريق المشاركات الإسلامية.

4- الاستثمار عن طريق إيداع الأموال في المصارف الإسلامية أو شركات توظيف الأموال الإسلامية.

5- الاستثمار التعاوني الإسلامي.

(هـ) أن يكون استثمار المال في مجال الطيبات الحلال:

مجال الاستثمار يجب أن يكون طيبًا بعيدًا عن المعاملات الربوية الخبيثة والمفسدات فالكسب الحلال والاستثمار الحلال حلقةً متصلةً بعضها البعض، ويجب على أفراد الأسرة أن يتجنبوا دائمًا الربا فقد قال ربنا عز وجل ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ (البقرة: من الآية 276).

وحذرنا الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- من الربا فقال: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل في الإسلام وهو يعلم".

4- قواعد الملكية في البيت المسلم:

تعتبر الملكية في الإسلام ضرورة لأنها الدافع إلى العمل والإنتاج وتعمير الأرض، كما تعتبر الملكية الخاصة هي الأصل والأساس في المنهج الإسلامي وفي فطرة الإسلام حب للمال وتملكه كما قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾ (آل عمران: من الآية 14).

ولقد تضمنت الشريعة الإسلامية قواعد تنظم ملكية الأموال لأفراد البيت المسلم من أهمها:

(أ) إن ملكية الأموال للأفراد زائلة ومؤقته:

فلا بد من أن يؤمن أفراد المسلم بأن ملكيتهم للمال ملكية زائلة وتنتهي بانتهاء الأجل وتنتقل لورثته حتى يرث الله الأرض ومن عليها، أساس ذلك قول الله تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ (الحديد: من الآية 7).
وقوله عز وجل ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40)﴾ (مريم).

وهذه القاعدة تجعل المسلم يُسخِّر هذه الملكية الزائلة للحياة الباقية ويجعلها أداة تعينه هو وزوجته وأولاده على عبادة الله فنعم المال الصالح في يد الرجل الصالح.

ومن ناحيةٍ أخرى فلا بد ألا يحرم نفسه أو زوجته وأولاده من الانتفاع بهذه الأموال في مجال الخيرات وأن يجعل المال في يده وليس في قلبه.

(ب) فصل ملكية الزوج عن ملكية الزوجة:

يعطي الإسلام حق الكسب المطلوب حق الكسب الطيب بضوابط وحق الإرث كذلك وحق التملك ولا يجوز للزوج أن يأخذ من مال زوجته إلا عن طيب خاطر فلها ذمة مالية مستقلة ولها أن تتولى شئون مالها بنفسها، ويجوز لها أن توكل زوجها في إدارة مالها ومن حقها إلغاء الوكالة في أي وقت.

ويلاحظ في بعض البلاد الأوروبية أنهم يجعلون الرجل شريكًا في مال زوجته ولا يحق لها أن تتصرف في مالها، وهذا يعتبر تقييدًا في الإسلام على حريتها وانتقاصًا من قدرها على عكس ما ينادون به.

وعلى هذا فعليها زكاة وتستطيع أن تهب وتُوصي وهنا فلا يجب أن يكون مالها سببًا في طغيانها وفساد أخلاقها وهدم الحياة الزوجية، ولقد حذرنا المصطفى- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- من الاختيار في الزواج على أساس المال فقال: "لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يُرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل"، كما قال: "تُنكح المرأة لأربع؛ لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".

(ج) مال الأولاد ملك لأبيهم:

فرض الإسلام على الأولاد بر والديهم فاعطى للوالد حقًّّّّا في مال أولاده، كما ألزم الإسلام الولد بالنفقة على والديه، ولقد أمضى الإمام ابن تيمية في هذا الخصوص أن على الموسر أن يُنفق على ابنته وزوجه وأبيه وعلى إخوته الصغار فإن لم يفعل كان عاقًّا لأبيه قاطعًا للرحم مستحقًا لعقوبة الله تعالى في الدنيا والآخرة.

كما سُئل ابن تيمية: هل من حقِّ الأب أن يتصرف في مال ابنته المتزوجة الرشيدة فأجاب ليس لأبيها أن يتصرف إذا كان متصرفًا في مالها كان ذلك قادحًا في أهليته ومنع من الولاية عليها كالحجر.

(د) من مصادر التملك الميراث:

شرع الله عز وجل الإرث ليكون سببًا في انتقال الملكية من جيلٍ لآخر، والله عزَّ وجل حدد الأنصبة الخاصة بالوراثة رجالاً ونساءً حتى لا يطغى أحدهما على الآخر فقال الله عز وجل: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)﴾ (النساء).

ولهذا النظام الإسلامي العظيم آثار طيبة في مجال الحثِّ على العمل وترك ثروة للأولاد وكذلك ربط الأجيال ببعضها البعض واستمرارية وتطور النشاط وحرم جل وعلا التحايل على نظام الميراث أو تعديل حدود الله حتى تكون العلاقة مترابطة بين الأبناء.


عدل سابقا من قبل Admin في الأحد 7 سبتمبر 2008 - 12:00 عدل 1 مرات
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 8:59

رابعًا: كيفية إعداد ميزانية في البيت المسلم:


لفظ الميزانية أو الموازنة مشتق من الفعل وزن يوزن ميزانًا والوزن هو الثقل الذي تقاس الأشياء كما ورد في القرآن الكريم ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ *7* أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ *8* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ *9*﴾ (الرحمن).

وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ (الأنعام: من الآية 152)، ويُفهم من هذه الآيات أن لفظ الميزان يُقصد به العدل، ويقول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "يا وازن زن وأرجح"، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إذا وزنتم فأرجحوا أي يلزم المقابلة أو أن يزيد لمصلحة المشتري".

ولإعداد الميزانية مقاصد وهي:

1- أنها تساعد مدبرة البيت في تقدير إيرادات البيت مقدمًا، وكذلك النفقات المتوقعة خلال كل فترة، وبذلك نعرف مقدار الفائض أو العجز المتوقع.

2- تساعد الميزانية مدبرة البيت في أن تدرس مقدمًا سبب العجز وتحاول تدبيره من أي سبيل حسب البدائل المتاحة، وإن تُعيد النظر في بنود النفقات وترشدها أو تؤجل سداد بعضها إلى الشهور التالية.

3- تساعد الميزانية مدبرة البيت في دراسة سبل استثمار الفائض المتوقع الناجم عن زيادة الإيرادات على النفقات وتبحث عن الطريق المناسبة لاستثماره في ضوء المدة التي لا يحتاج البيت فيها إلى هذه الإيرادات.

4- تساعد الميزانية في تحقيق التشاور بين أفراد البيت المسلم فيما يتعلق بتقدير الإيرادات والنفقات ودور كل منهم وتعمق سبل التعاون والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تمسهم جميعًا.

5- تساعد الميزانية في محاسبة أفراد البيت عن النفقات والإيرادات؛ حيث تحدد دور كل فردٍ من أفراد الأسرة وترشيد النفقات ومحاسبة المسرف والمترف والمبذر، وهذا تطبيق لحديث الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والخادم راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته".

6- يساهم تطبيق فكرة ونظام الميزانية في البيت المسلم في تدريب الأولاد على كيفية نقل الخبرات واكتسابها ويجنب الشباب والفتيات من المشاكل التي قد تظهر في المراحل الأولى من تأسيس البيوت الإسلامية.
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 9:07

خامسًا: قواعد وضع الميزانية في البيت المسلم:


عندما تقوم مدبرة البيت بإعداد الميزانية عليها أن تأخذ في الاعتبار مجموعة من القواعد التي تجعل هذه الميزانية فعَّالة ورشيدة وسليمة وتحقق ما نصبو إليه من مقاصد.

1- قاعدة المدة الزمنية:

بأن يكون لموازنة البيت فترة زمنية، فقد تكون شهرية أو ربع سنوية أو سنوية حتى يمكن إجراء عملية التقدير والمقارنة بين التقديرات واتخاذ القرارات المطلوبة، وفي مجال التطبيق العلمي تقوم المدبرة في أول كل شهر بإعداد الموازنة وتعمل على محاسبة ومساءلة عن الشهر المنصرف السابق.

2- قاعدة التوازن بين الإيرادات والنفقات بقصد الاستطاعة:

والمدبرة الرشيدة هي التي تخطط نفقاتها في ضوء الإيرادات المتوقعة وليس العكس إلا عند الضرورة القصوى بمعنى ظهور حاجة لا تحتمل التأجيل ولا بد من إشباعها، وأساس ذلك قول الله تبارك وتعالى ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ (الطلاق: من الآية 7)، ويعبر عن هذه القاعدة بالعامية (على قد لحافك مد رجليك).

3- قاعدة الواقعية عند تقديم إيرادات ونفقات البيت:

أن يكون ذلك في ضوء الواقع التي تعايشه الأسرة وحتى لا تكون التقديرات بعيدة عن الواقع فتكون الاختلافات بين التقديري والفعلي كبيرة جدًّا، مما يترتب عليه تثبيط الهمم أو التسيب، وفي هذا الصدد لا يجوز تقليد الشرق والغرب في الإنفاق؛ لأن هذا بعيد عن واقع البيئة الإسلامية.

4- قاعدة الاستطاعة بأن تكون التقديرات في ضوء الإمكانيات والقدرات:

فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ويعني هذا عدم المغالاة في النفقات أو التقليل من الإيرادات بدون مبرر، فالتفاؤل المطغي أو التشاؤم المثبط يسبب المشاكل عند إعداد ميزانية البيت المسلم، وكما ذكرنا أن المدبرة الرشيدة هي التي لا تقلد بدون معنى وإمكانيتها ضعيفة.

5- قاعدة مشاورة ومشاركة أفراد البيت المسلم في إعداد ميزانية البيت التقديرية حتى تكون الأرقام قريبةً من الواقع، وأن يصون كل فرد تقديرات الآخر والشورى بصفة عامة ضرورية؛ لأنها تعطي حافزًا معنويًّا، وعزيمةً لكل أفراد البيت بحيث يساهمون في إنجاح فكرة الموازنة وتطبيقها كما تجب المشاورة أيضًا عند المحاسبة عن موازنة الشهر الماضي ويقدم كل عضو في الأسرة تصوره عند التطوير إلى الأفضل، فالمسلم مرآة أخيه وما تشاور قوم إلا هدوا إلى أرشد أمرهم.

6- قاعدة المرونة وإمكانية التعديل في بنود النفقات:

من حيث الضغط والترشيد والتأجيل أو إيجاد البدائل، أو إمكانية تحويل بعض الاستثمارات قصيرة الأجل إلى نقدية لسد العجز خلال فترة معينة أو إلغاء بعض بنود النفقات إذا كانت من مجموعة التحسينات، كما تظهر المرونة أيضًا استبدال مصروف بآخر، والمرونة ضرورية؛ حيث إن الظروف المحيطة بالبيت متغيرة، وهذا بدوره يُؤثر على الإيرادات والمصروفات.

7- قاعدة سرعة تصحيح وعلاج الأخطاء:

فإذا ظهر اختلالٌ في أركان موازنة البيت المسلم أو حدوث اختلافات شاسعة بين التقدير وما حدث فعلاً، يجب على أفراد البيت المسلم سرعة اتخاذ القرارات المصححة حتى تتزن الموازنة وتصبح فعَّالةً في تحقيق مقصدها، فلا يجب أن تنتظر مدبرة البيت المسلم حتى نهاية الشهر حتى تصلح الأمور حرجًا أو حياءً، فلا حياءَ في الحق، وهذا الأمر ضروري لبقية أفراد الأسرة.

ويقترح في هذا الشأن أن يكون هنا لقاء سيؤدي بين أفراد البيت المسلم يتشاورون بين ما هو خير لهذا البيت سواء من الناحية التعبدية أو الناحية الاقتصادية، وفي هذا تقوية لروابط الحب والمودة والسكينة.

لو التزم البيت المسلم بالقواعد السابقة في إعداد ميزانية أو المحاسبة عن ميزانية الشهر الماضي لصلح حاله واستقام وتجنَّب المشاكل المالية التي تسبب له القلق والهموم.


عناصر ميزانية البيت المسلم


تتمثل عناصر ميزانية البيت المسلم في أربعة أمور رئيسية:

1- بنود الإيرادات.

2- بنود النفقات.

3- الفائض النقدي.

4- العجز النقدي.

وخطوات تحديد الميزانية هي:

الأولى: تحديد الإيرادات:

يجب تحديد بدقة قدر الإمكان مقدار إيراداتكم الشهرية.

الثانية: حالات الإيرادات ومقدار الادخار:

وبها نسبة الادخار لا تقل عن 10% من إيراداتكم المستقطبة قبل تحديد الإيراد الشهري الثابت.

الثالثة: تحديد الأولويات جيدًا:

وهذا بالمناقشة مع أفراد الأسرة.

الرابعة: تحديد النفقات:

أحصوا جيدًا بنود النفقات يومية أو أسبوعية أو شهرية أو سنوية.

الخامسة: تحديد النفقات السنوية المتوقعة:

ويجب أن تذكر بدقة وتحدد قدر الإمكان إجمالي المصروفات الضرورية المتوقعة في عام.

السادسة: الموازنة بين الإيرادات المحددة والمصروفات المتوقعة:

ولنجعل الفرق بين الإيرادات وإجمالي مصروفاتكم المتوقعة ويجب أن يكون الفرق بين الإيرادات والمصروفات المتوقعة في سنة لا يقل عن 10% سنويًّا طوارئ.

السابعة: توزيع الإيرادات:

وتقسم الإيرادات ولا توضع في منفذ واحد ولكن توزع بين أوجه الإنفاق.

الثامنة: عند الإنفاق

الإنفاق هو الصورة التنفيذية العلمية للميزانية الموضوعة وهو قلب الميزانية النابض بحياتها.
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 9:51

سادسًا: موجبات جلب الرزق العملية في الإسلام:


من أهم وسائل جلب الأرزاق والتي يجب أن نأخذ بها للتغلب على مشكلة الجوع أو عدم كفاية الدخل لمتطلبات البيت المسلم وأفراده.

ومن أهمها:

1- العمل الجاد والضرب في الأرض ابتغاء الرزق الطيب.

2- الهجرة من مكانٍ إلى مكان طلبًا للرزق الكريم.

3- الاقتصاد في النفقات وتجنب الإسراف والمخيلة.

4- الادخار والاستثمارات لوقت الحاجة وللأجيال القادمة.

وعدنا الله جل وعلا بالأرزاق وأنه جل وعلا تكفَّل لها لعباده لما جاء في القرآن الكريم ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)﴾ (الذاريات)، كما ورد عن النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا"، وأمرنا جل وعلا بالأخذ بالأسباب لاستجلاب الرزق.

(أ) العمل الجاد والضرب في الأرض ابتغاء الرزق الطيب:

يعتبر العمل في الإسلام واجبًا شرعيًّا وضرورةً بشريةص وتنفيذًا لأوامر الله سبحانه وتعالى، ولقد أكد القرآن على ذلك في مواضع كثيرة منها قوله تبارك وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)﴾ (الملك)، وقوله جل وعلا: ﴿فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ (الجمعة من الآية 10).

فيأمرنا جل وعلا بضرورة السعي والانتشار في الأرض للحصول على الرزق الطيب كغذاءٍ مادي للبدن ليقوى على عبادة الله، ولقد اهتمَّ رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بالعمل وحثَّ الناس على طلب الرزق في كثيرٍ من الأحاديث يضيق المكان منها قول النبي الكريم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "جُعِلَ رزقي تحت رمحي".

وقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "مَن بات كالاً من طلب الحلال بات مغفورًا له"، كما قال- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- "إن أشرف الكسب كسب الرجل من يده"، كما ورد عنه صلوات ربي وسلامه عليه: "ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، وورد أيضًا: "العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في طلب الحلال".

وذمَّ رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- الرجلَ الذي يسأل الناس، وحثَّ على العمل، فما ورد عنه في هذا الخصوص قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم"، وورد أيضًا: "مَن سأل مسألةً وهو عنها غني كانت سهمًا في وجهه يوم القيامة".

وقال أيضًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه".

كما أنه لا يجوز إعطاء الزكاة للغني والقوي والقادر على العمل والكسب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي" (ذو مرة أي ذو قوة).

ولقد روى أن رجًلا من الأنصار قد أتى رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ليسأله فقال له: "أما في بيتك شيء؟" فقال الرجل: بلى حلي (كساء) مفرش نلبس بعضه ونبسط بعضه وكعب (إناء) نشربه فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "ائتني بهما فأتاه بهما" فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وقال: "من يشتري هذين"، فقال رجل: أنا أخدهما بدرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثًا"، فقال الرجل: أنا أخذهما بدرهمين.

فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما للأنصاري، وقال: "اشترِ بأحدهما طعامًا وانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدر ماء فأتني به" فشد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عودًا بيده ثم قال: "له اذهب واحتطب وبع، ولأرينك خمسة عشر يومًا"، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "هذا خير أن تجيء المسألة نكتةً في وجهك يوم القيامة"، أي المسألة لا تصح إلا لثلاثة لذي فقرٍ مدقعٍ أو لذي غرمٍ منقطعٍ أو لذي دمٍ موجع.

وهكذا حارب الإسلامُ الكسلَ ودفع إلى العمل ولا يجوز أن يعيش أحدٌ عالةً على الناس.
ويرتبط الرزق بالسعي، كما قال النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "إن أشرف الكسب كسب الرجل من يده"، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى".

كما أن العمل من نعم الله سبحانه وتعالى تستوجب شكر الله كما ورد في القرآن الكريم ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (35)﴾ (يس)، ولقد نظر الإسلام إلى أجر العامل على أنه حق لا منةً ولا تفضلاً من صاحب العمل؛ وذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ (آل عمران: من الآية 196).

وقول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "أعطوا الأجيرَ حقَّه قبل أن يجفَّ عرقه"، ورد في الحديث القدسي قول الله تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" (صحيح البخاري).

وأمرنا الإسلام أن يكون الأجر قدر العمل والجهد والمخاطرة، وهذا نستنبطه من قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (19)﴾ (الأحقاف).

وأمرنا الله عز وجل أن لا نبخس الناس حقوقهم وينصرف ذلك إلى العامل قوله تعالى: ﴿وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ (الأعراف: من الآية 85)، وأن يكون العمل في حدود الطاقات سواء بدنية أو ذهنية أو غيرها ولا يجب أن يحمل صاحب العمل العامل إلا ما يطيق كما قال وأمر ربنا جل وعلا.. ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ (البقرة: من الآية 286).

وفي هذا الخصوص يقول رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لا تحملوهم ما لا يطيقون وإذا حملتموهم فأعينوهم".

ويجب أن يشعر العامل مسئولية يحاسب عليه أمام صاحب العمل وأمام الله يوم القيامة.. ﴿وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (النحل: من الآية 93)، وقوله جل وعلا: ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾ (التوبة).

ولقد أكد ذلك رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والخادم (العامل) راع في ملك سيده وهو مسئول عن رعيته"، وهكذا يتبين أهمية العمل كموجبٍ للحصول على الرزق الطيب، ولا يجوز في البيت المسلم أن نتواكل ونترك السعي أو نتباطأ فيه فلا يجوز للفرد القادر على الكسب أن يعيش عالةً على الناس.

(ب) الهجرة والضرب في الأرض لابتغاء الرزق:

أمرنا الإسلام أن نبحث عن الرزق في كل مكان، فالأرض أرض الله والناس خلق الله، والرزق غير محدود ولا محصور والبحث عنه واجب فقد قال ربنا جل وعلا: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ (النساء: من الآية 100)، وقد ورد في تفسير ابن كثير أن المراغم هو التحول من أرض إلى أرض، وأن السعة يقصد بها الرزق.

وقد حثَّنا النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- على الهجرة من مكانٍ إلى مكانٍ لغرضٍ، ومنها غرض جلب الرزق فقال- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "سافروا تصحوا وتُرزقوا" (الجامع الصغير للسيوطي).

وعن عبد الله بن عمر قال: توفي رجل بالمدينة ممن ولدوا فيها فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وقال: "ليته مات في غير مولده" فقال رجل: ولم يا رسول الله؟ فقال: "إن الرجل إذا مات غريبًا قيس له عن مولده إلى منقطع أثره في الجنة".

ويعلق الدكتور يوسف القرضاوي على ذلك فيقول: "إن هذه الأحاديث وأمثالها جعلت المسلمين الأولين ينطلقون في فجاج الأرض ينشرون الدين ويتلمسون الرزق ويطلبون العلم ويجاهدون في سبيل الله".

ومن ناحيةٍ أخرى لقد ربط الله سبحانه وتعالى بين العقيدة والضرب في الأرض والجهاد والاستغفار والقرض الحسن ففي سورة المزمل يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)﴾ (المزمل).

وفي هذه الآية حثَّ على الانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ من أجل الرزق، وفي هذا الخصوص قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: "ما من حال يأتيني عليها الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إلي مَن أن يأتيني وأنا ألتمس من فضل الله".

وهذا أحد مجلبات الرزق السعي والانتقال من أرض إلى أرضٍ لتغير مناخ البيت المسلم لعله يجد الأرزاق الطيبة.

(ج) الاقتصاد في النفقات:

ولعل الاقتصاد يكون ضمن أهم أسباب استجلاب الرزق فقد أمرنا الله عز وجل بالاعتدال في الإنفاق فقال عز وجل: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)﴾ (الإسراء).

كما قال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)﴾ (الفرقان).

ويقول رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "ما أحسن القصد في الغنى، وما أحسن القصد في الفقر، وما أحسن القصد في العبادة".

كما روي عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عدة أحاديث في الاقتصاد في النفقات منها:

1- "ما عال من اقتصد".

2- "لقد أفلح مَن أسلم وكان رزقه كفافًا".

3- "رحم الله امرأً اكتسب طيبًا وأنفق قصدًا وقدَّم فضلاً ليوم فقره وحاجته".

كما قال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- وأرضاه: "إني لأبغض أهل البيت الذين ينفقون رزق أيام في يوم واحد"، كما قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه: "حسن التدبير نصف الكسب وهو نصف المعيشة"، وقال أحد الصالحين: "لا خير فيمن لا يحفظ ماله ليصون به عرضه ويصل به رحمه ويستغنى به عن لئام الناس".

كم أمرنا الإسلام بعدم الإسراف والتبذير كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ (الإسراء)، كما أوضح الله تبارك وتعالى ﴿أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾ (المجادلة: من الآية 19).

وقال مجاهد في هذا الخصوص: "لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذرًا ولو أنفق مدًّا في غير حق كان مبذرًا".

وقد وردت آيات عديدة تحذر المسرفين منها قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام: من الآية 122)، ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ (غافر: من الآية 34).

كما ورد في السنة النبوية الشريفة أحاديث كثيرة تنهى عن الإسراف والحث على الاقتصاد، فقد قال صلوات ربي وسلامه عليه:"المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء"، ورد أيضًا عنه: "ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن بها صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".

وهذه الأحاديث توجب عدم الإسراف وعدم الترف أيضًا والبذخ والمظهرية، كما قال ربنا جل وعلا: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)﴾ (الإسراء)، كما قال جل وعلا واصفًا أهل الترف: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)﴾ (الواقعة).

وهذه الآيات توضح أخطر فئة على المجتمع هما فئة المترفين الذين يعيشون في الفسق وينشرون الفاحشة ويعيثون في الأرض فسادًا وهم سبب شقاء للمجتمع.

ويريد الله عز وجل من الفئة المسلمة تعمير الأرض بالعمل الصالح لما قال ربنا جل وعلا:
﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41)﴾ (الحج).

(د) الادخار والاستثمار ليوم الحاجة:

يحث الإسلام على الادخار واستثمار المال وعدم كنزه لتحقيق مقاصد وغايات كثيرة أهمها:

أ- الاحتياط لنوازع الدهر ومصائبه.

ب- الاحتياط ليوم الحاجة بسبب كثرة النفقات.

وقد حثَّ الإسلام على الادخار وعدم كنز الأموال فنجد قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)﴾ (التوبة).

فيبيح استثمار المدخر من الأرزاق بعد الاستهلاك وقول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يكتففون الناس أعطوهم أو منعوهم" وكذا قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.." منها صدقة جارية لتفيد الأجيال القادمة، ولقد أكد النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على أهمية الادخار للأولاد.

ففي إحدى الغزوات احتاج الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المال لتمويل الجهاد فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله وجاء أبو بكر الصديق بكل ماله:
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "ماذا أبقيت لأولادك يا أبا بكر" فقال: "أبقيت لهم الله ورسوله".
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 10:14

سابعًا: سلوكيات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أوقات الأزمات الاقتصادية:


كانت حياته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نموذجًا يلزم الاقتداء به في كل الأحوال كما أمر ربنا جل وعلا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ (الأحزاب).

وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: "ما شبع محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قُبض".

وعن عروة عن عائشة- رضي الله عنها- كانت تقول: وذلك يا ابن أختى إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في بيوت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: "الأسودان؛ التمر والماء".

وعن أنس رضي الله عنه قال: "لم يأكل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خوان حتى مات وما أكل خبزًا مرققًا حتى مات".

ولقد روى مسلم عن النعمان بن بشير قال عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: "لقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يظل اليوم يتلوى ما يجد دقلاً يملأ به بطنه".

وقال عمر ابن الخطاب- رضي الله عنه- دخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو على حصير قال فجلست فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثَّر في جنبيه وإذا أنا بقبضةٍ من شعيرٍ نحو الصاع وقرط في ناحيته في الغرفة، وإذا أهاب معلق فابتدرت عيناي فقال الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-:"ما يبكيك يا ابن الخطاب" فقال يا نبي الله ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثَّر في جنبيك وهذه قرائنك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبي الله، وصفوته وهذه خزائنك قال: "يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا".

كما أمر الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بعدم تخزين الطعام حتى لا يحدث الغلاء.

فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على بلال رضي الله عنه وعنده صبر من تمر فقال: "ما هذا يا بلال" قال: أعد ذلك لأضيافك.قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "أما تخشى أن يكون له دخان في نار جهنم أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً".

وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: "أهديت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاثة طوائر فأطعم خادمه طائرًا فلمَّا كان من الغد أتته به فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ألم أنهكِ أن ترفعي شيئًا لغدٍ فإن الله (عز وجل) يأتي برزق كل غد".

تروي كتب السيرة أن نساء النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- تظاهرن من أجل التوسعة في النفقات، فقد ورد في صحيح مسلم: "دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسًا ببابه‏ لم يؤذن لأحد منهم‏،‏ قال‏:‏ فأذن لأبي بكر‏، فدخل،‏ ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له‏ فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا، حوله نساؤه واجمًا ساكتًا‏.‏ فقال‏:‏ لأقولن شيئًا أُضحك النبي- صلى الله عليه وسلم-‏‏ فقال‏:‏ يا رسول الله‏!‏ لو رأيت بنت خارجة‏!‏ سألتني النفقة فقمتُ إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ ‏"‏هُنَّ حولي كما ترى‏ يسألنني النفقة"..‏ فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها‏، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها‏، كلاهما يقول‏:‏ "تسألن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما ليس عنده‏.‏ فقلن‏:‏ "والله‏!‏ لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدًا ليس عنده"، ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعًا وعشرين‏.‏ ثم نزلت عليه هذه الآية‏:‏ ﴿‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً *28* وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا *29*‏﴾ (الأحزاب) فبدأ بعائشة،‏ فقال‏:‏ ‏"‏يا عائشة‏!‏ إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ وما هو؟‏ يا رسول الله‏!‏ فتلا عليها الآية‏.‏ قالت‏:‏ "أفيك، يا رسول الله‏!‏ استشير أبوي‏؟‏ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأةً من نسائك بالذي قلت‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها؛‏ إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا‏".

ومن هذا النموذج نأخذ عبرة نقدمها لزوجاتنا بأن عليهن دورًا هامًّا وقت الأزمات الاقتصادية فيجب عليهن الاقتصاد وعدم تحميل الزوج ما لا يطيق لأن حمل الصخور أخف من حمل الديون.

تركة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم


روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

(توفى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رق لي).

كما روى البخاري عن عمر بن الحارث قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عند موته دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء التي يركبها وسلاحه وأرضًا جعلها لابن السبيل صدقة).


عدل سابقا من قبل Admin في الأحد 7 سبتمبر 2008 - 12:06 عدل 2 مرات
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 11:37

ثامنًا: عبر وسلوكيات من حياة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم


1- إن المسلم تكون حياته كلها لله وإنه ينظر إلى المأكل والمشرب والملبس ونحو ذلك على أنها وسائل تعينه على عبادة الله سبحانه وتعالى وليس في حد ذاتها غاية مقدسة.

2- إن المسلم في حالة الأزمات عليه أن يقتدي برسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من حيث الخشونة والاقتصاد وأنه في حالة الرخاء يلزم أن يدخر الفرد لأيام الكساد كما أقر بذلك الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. "رحم الله امرأً اكتسب طيبًا وأنفق قصدًا وقدَّم فضلاً ليوم فقره وحاجته".

3- كما يؤخذ من هذه النماذج أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان دائمًا قدوة في الصبر عند المحن والشدائد الاقتصادية وسار على هذا الصحابة فكانوا يبيتون الليالي الطوال جائعين يشدون الأحجار على بطونهم الخاوية وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما تولى أمر المسلمين وأضعفه الزيت الذي يأكله وحده فهو الخليفة وطلب منه أن يطعم ما يمكنه من تحمل الأعباء فقال: وكيف يعنيني أمر المسلمين إذا لم يمسني ما يمسهم.

وذات مرة اجتاز الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم طريقًا في المدينة فتقدم منه بعض الصحابة مصفري الوجوه مرهقي الخطوات وشكوا الجوع ولكي يؤكدوا له صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وكشفوا عن بطونهم فإذا بكل واحد منهم قد شد عليها قطعة من الحجر ليسكت بها جوعة الأحشاء فتبسم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وكشف عن بطنه فإذا به سبقهم وشد عليه قطعتين من الحجارة.

4- أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في وقت الأزمات والمحن الاقتصادية والتي أوردنا منها نماذج بسيطة لم يتهاون في أمر الدعوة الإسلامية ولم يتنازل عن القيم والمثل والأخلاق والسلوكيات التي أمر بها وبذلك استحق النصر بعد الأزمة واليسر بعد العسر.
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط الأحد 7 سبتمبر 2008 - 11:55

تاسعًا: خاتمة وفوائد التوازن


ألم يأن للناس والعلماء وللحكام أن يقتدوا برسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حتى يهتدوا إلى الصراط المستقيم ولا يكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم؟.
ألم يأن أن يوضح العلماء للناس المنهج الإسلامي الصحيح للخروج من الأزمات حتى يكونوا قد وفوا ما عاهدوا الله عليه؟.

ألم يأن لنا أن نعرف الطريق ونستشعر قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)﴾ (نوح).

كما أخبر ربنا جل وعلا: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)﴾ (الأعراف).

قول النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من فقه الرجل أن يصلح معيشته ومن قصص التابعين عن قريب لعمر بن عبد العزيز أنه اشترى خاتمًا ثمنه ألف درهم فبعث إليه عمر بن عبد العزيز وقال: بع الخاتم وأطعم بثمنه ألف جائع واشتر خاتمًا جديدًا وأكتب على الخاتم (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه).

ومن روائعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في ترشيد الاستهلاك:

1- "إذا أسقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى ويأكلها ولا يدعها للشيطان".

2- وعن أنس بن مالك قال أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أي نسلت القصعة، وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم الربحة".

ورأى رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- شاةً ميتةً فقال: لمن كانت هذه قالوا شاة لمولاة ميمونة أم المؤمنين، فقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هلا انتفعتم بجلدها قالوا إنها ميتة قال: "إنما حُرِّم أكلها".

وقد ذكر في الأحياء أن للتوازن فوائد منه فوائد طبية وخلقية وروحية وقد وضحها حجة الإسلام الإمام الغزالي.

1- صفاء القلب وإنفاذ البصيرة:

فإن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم "مَن شبع ونام قسا قلبه".

2- رقة القلب وصفاؤه:

وكلما ضُيقت على الشيطان مجاريه رق القلب وصفا فشعر بنعم ربه وصفا في عبادته.

3- الانكسار والذل وزوال البطر:

فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "عُرضت عليَّ الدنيا وخزائنها فقلت لا بل أجوع يومًا وأشبع يومًا فإذا جعتُ صبرتُ وتضرعت وإذا شبعت شكرت".

4- ألا تنسى بلاء الله وعذابه فالشيطان في غفلة.

5- حسر شهوة المعاصي.

6- دفع النوم ودوام السهر:


فقد كانت نصيحة لقمان لابنه يا بني لا تأكل كثيرًا فتنام كثيرًا فتخسر كثيرًا.

7- تيسير المواظبة على العبادة.

8- الصحة ودفع الأمراض.


(فنحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع).

وكانت نصيحة إبراهيم بن أدهم على ارتفاع الأسعار (رخصوه بالترك).

اللهم ارزقنا قلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا.

ربنا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.

اللهم اجعلنا من أهل طاعتك وارزقنا جنتك.


﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)﴾ (الأحقاف).
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف أمير الغرباء السبت 22 نوفمبر 2008 - 6:21

سعادة المدير المحترم حفظه الله

جزاك الله خير على هذا الطرح المؤصل واامل ان يثبت للفائدة

ولكم مني الاحترام والتقدير اخوكم / أمير الغرباء
أمير الغرباء
أمير الغرباء
عضو(ة)
عضو(ة)

المساهمات : 11
تاريخ التسجيل : 19/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اقتصاديات البيت المسلم Empty رد: اقتصاديات البيت المسلم

مُساهمة من طرف المتوسط السبت 22 نوفمبر 2008 - 20:03

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شكرا اخي على المتابعة

تم التثبيت إن شاء الله

تمنياتي لك بالتوفيق
المتوسط
المتوسط
المدير
المدير

المساهمات : 279
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
العمر : 44
الموقع : المتوسط

https://almotawaset.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى